۱۰۶۲مشاهدات
رمز الخبر: ۱۱۲۸۹
تأريخ النشر: 20 January 2013
شبکة تابناک الأخبارية: إستُشهِد الإمام الهادي عليه السلام مسموماً، وقد سمّه المعتمد العباسي أو المعتز العباسي، إذ ثبت أن استشهاده كان في 254هـ.

وبعد استشهاد الإمام الهادي عليه السلام أصبحت الإمامة على عاتق الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام.

ولد الإمام العسكري في ربيع الآخر عام 231 أو 232، واستشهد في سامراء في الثامن  من ربيع الأول على الأشهر عام 260هـ، وكانت أيام إمامته ست سنين، ولم تتجاوز سنوات عمره المبارك الثلاثين عاماً.

***

لقد تميزت الأحاديث التي تدور حول القيادة أنّ الكثير منها رويت عن الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام، فهل الصدفة هي منشأ هذه الميزة؟

بالطبع لا، فكل شيء بميزان وحكمة، وقد سبق أن أشرنا إلى أن الرسالة كانت لها ثلاث مراحل متميزة.

فهذه الميزة التي أفرد بها الإسلام الإمام الحسن العسكري عليه السلام كانت تعني أن الحركة الرسالية قد استعدت للوقوف على رجليها، خاصة وأن هذه الأحاديث هي حول القيادة في مرحلة ما بعد الأئمة المعصومين عليهم السلام، أي في زمن الغيبة.

وهنا تبرز أهمية هذا العمل الذي قام به الإمام العسكري عليه السلام، حيث إنه لم يكن مجرّد إلقاء الحديث على مجموعة من ثقات الحركة الرسالية، بل كان هداية هؤلاء القادة إلى هذه التشريعات، ومن ثم تأتي الوظائف التابعة لهذه العملية، وهي وظيفة المحافظة على الأحاديث، والتفريع من الأصول، وتربية الفقهاء لهذا العصر، وسائر الأعمال المتشابهة عند الأئمة الأواخر عليهم السلام.

وكان الامام عليه السلام يقوم بِحثّ الأمة والطليعة الرسالية على الاستقامة على خط الرسالة، والتعمّق في الأمور التي بثها القادة الأوائل من الأئمة للحركة الرسالية. وهذا شيء يعادل مرحلة بث وتشريع هذه المسائل، حيث إن الاستقامة تعادل الإنشاء.

لقد بيّن عليه السلام في كثير من الأحاديث أن قليلاً من العمل الصالح يداوم الإنسان عليه، خير وأفضل من كثير لا يداوم عليه. وهذه حقيقة علمية ثابتة، فكيف إذا لم يكن الأمر من ناحية الاستقامة فقط بل في تعميق العمل وتحسين كيفيته؟.

وكان الإمام العسكري عليه السلام يقوم بأخطر مهمة لا تزال تؤثر في العالم الإسلامي ككل، ألا وهي تحديد ملامح القيادة، وصلاحياتها، ومواصفاتها، ومسؤولياتها، وكافة التفاصيل المتعلقة بها. إنّ هذا الأمر المحوري البالغ الأهمية لأي مجتمع، ليس بالشيء البسيط تربية الناس عليه ومن ثم تدريبهم على تطبيقه، فيجب أن تسبق كل خطوة في هذا الأمر حالة من الإيمان والوعي، ثم تأتي الخطوات التالية من تطبيق واستمرار وجودة.

كان هذا هو العمل الذي تفرد به الإمام العسكري عليه السلام بالخصوص، وهو رسم معالم القيادة الإسلامية وتربية الأمة على الطاعة لها.
ثورات في عهد الإمام العسكري

في عهد الإمام العسكري عليه السلام كانت هناك تموجات سياسية لم تكن بعيدة عن تيار الحركة الرسالية.

كما حدثت ثورات في زمانه في مصر، وهرات (أفغانستان حالياً)، والديلم، ونيشابور، وخراسان، وهمدان، والسند، والكوفة، والجبل (جبل عامل في لبنان)، واليمن، والكثير من المناطق التي يطول ذكرها.

ولما كانت السلطات العباسية عاجزة عن كشف خيوط الحركة الرسالية ومِن ثَمَّ تصفيتها، عمدت إلى فرض الإقامة الجبرية على الإمام العسكري عليه السلام تحت حجة أن الخليفة العباسي يريد الإمام المعاصر له أن يمكث معه في حاضرة الخلافة، حيث كان يضعه في بيت تسهل مراقبته ليكون أشبه بالسجن غير المعلَن. إلاّ أن ذلك كان يجري تحت اسم أن الإمام مستقر في حاضرة الخلافة، وقد حصل ذلك بعد المأمون، أي أن الخلفاء العباسيين بعد المأمون رأوا في سياسة المأمون مع الإمام الرضا عليه السلام ، أسلوباً يُقتدى به، فكان الخلفاء العباسيون يعملون بذلك لعزل الإمام عن الحركة الجماهيرية، وهذا أفضل ما يمكنهم عمله، إلاّ أنه كان يفوتهم واقع العلاقة التنظيمية بين الإمام والحركة الرسالية.

وبقيت السلطات العباسية في نكد من أمرها حتى أقدمت على اغتيال الإمام أبي محمد العسكري صلوات الله وسلامه عليه، وذلك في سنة 260هـ.

وكان الإمام العسكري عليه السلام قد رُزِق بالإمام المهدي (عجل الله فرجه) يوم الجمعة في شعبان عام 255هـ، وكان يحتفظ بالإمام المهدي عليه السلام بعيدا عن الأنظار إلاّ للصفوة من الرساليين. وكيف لا يحتفظ به ويخشى عليه، وبه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فكانت غيبته الصغرى من يوم مولده.

فلما استشهد أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام إجتهد المعتمد العباسي كثيراً في العثور على الإمام المهدي، إلى درجة أنه حبس جواري الإمام العسكري عليه السلام ، وجعل عليهن الرصد خشية أن يكون عند إحداهن حمل من الإمام، فأخفاه الله عنه وعن أعدائه ليوم يريد به أن يطهر الأرض من الجور والطغيان والشرك، ويرسي فيها العدل والأمن والإيمان.

فقد روي أنه لما توفي الإمام العسكري عليه السلام بعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش جميع حجرها، وختم على جميع ما فيها، وطلبوا اثر ولده، وجاؤوا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن على جواريه، فنظرن إليهن، فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل، فأمر بها فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه، ونسوة معهم، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئة جثمان الإمام العسكري عليه السلام، وعُطِّلت الأسواق، وركب بنو هاشم، والقوّاد، والكُتّاب، وسائر الناس إلى جنازته فكانت سر من رأى يومئذ شبيهة بالقيامة ([1]).

وهناك كثير من الكتب التي تتحدث عن حالة السلطات العباسية عند سماعها بوفاة الإمام العسكري عليه السلام، وطلبها الإمام المهدي الذي جاء عن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما تُملأ ظلماً وجوراً([2]).

فمثلاً، يقول ابن الصباغ المالكي في كتابه (الفصول المهمة): وخلف أبو محمد الحسن من الولد ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق، وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت، وخوف السلطات، وملاحقتهم لأهل البيت، وحبسهم والقبض عليهم([3]).

وكثير من الكتب التاريخية تتحدث حول هذا الأمر بنفس المضمون[4].

إنّ هذا التخوف من جانب السلطات وضخامة الاحتياطات المتخذة من قبلها، كل ذلك يدلّ على أن الحالة غير طبيعية، فإذا رأينا رئيس دولة ما يجنِّد الجيوش، ويضع كل وزارات ومؤسسات الدولة في حالة استعداد وترقب، فإن هذه الحالة تعني أن أمراً كبيراً يترقب حدوثه قريباً ربما يؤثر على مسيرة الدولة العباسية آنذاك، وهذا ما هو منقول في كتب التاريخ بشكل مستفيض، وهذا له دلالة قوية على أن فكرة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) كانت فكرة يعتقد بها كل مسلم آنذاك إلاّ ما ندر، وأن هذه العقيدة كانت عامة عند كل أبناء الأمة الإسلامية.

والأهم إن اعتقاد كل المسلمين كان في أن هذا المصلح لامة محمد هو من آل محمد عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام، ومن سلالته، وذلك للنصوص المتواترة عن الرسول الأعظم  التي تصرح بهذه الحقيقة.

ولو لم يكن هذا الاعتقاد قائماً، لم يكن كل المسلمين([5]) آنذاك يعتقدون بأن الإمام الثاني عشر ابن الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام هو المهدي المنتظر وهو المهدي الموعود.

وقد ورد ذكره في الأحاديث النبوية أنه من آل محمد، وأنه هو الإمام الثاني عشر محمد المهدي بن الحسن العسكري عليه السلام بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

والسلطات العباسية كانت في تلك الدرجة من الخوف والإجراءات الأمنية المشددة التي تعبِّر عن حالة الهيجان التي يعيشها النظام بسبب هذا الاعتقاد المجمع عليه من المسلمين.

ويدل ذلك أيضاً على شيء مهم آخر، هو أن تيار الحركة الرسالية التي كانت في البدء تتجسد في أفراد يُعدّون على الأصابع أصبحت اليوم تعني مجاميع غفيرة من المسلمين.

[1]- بحار الانوار، ج50، ص328.

2- انظر كتاب (النبي وأهل بيته قدوة وأسوة) للمرجع المدرسي، فصل: الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

3- الفصول المهمة، الفصل الحادي عشر في أخريات ترجمة الإمام العسكري (عليه السلام).

4- منها ابن كثير: 7 /90 وتاريخ الفداء: 2/52 وعمدة الطالب ص186، وغيرها كثير.

5- راجع - إضافة لما ذكر من الكتب التاريخية - كلاً من سبائك الذهب ص 76 للسويدي والبغدادي، واليواقيت لعبد الوهاب الشعراني، وكفاية الطالب لمحمد بن يوسف الكنجي الشافعي (مخطوط) ، وابن خلكان في ترجمته، والبيان في أخبار صاحب الزمان.
رایکم
آخرالاخبار